خطوات يجب اتباعها حتي تتم الفائدة | من كتاب قراءة القراءة | فهد بن صالح بن محمد الحمود

Admin
0

خطوات يجب اتباعها حتي تتم الفائدة | من كتاب قراءة القراءة | فهد بن صالح بن محمد الحمود


هناك خطوات مهمة جداً حتي يصل القارئ إلي هدفه ومنها الإستعانة بمصادر خارجية فهناك أفكار جديدة علي القارئ تحتاج إلي تفسير لذلك يستعين بشروحات لها ، ولابد من كتابة بعض الهوامش التي تزيد من نسبة التركيز ومن المفيد أن تضع خط تحت الجمل المهمة، والأساس في القراءة هو التأمل حتي تتم ويجب أن يكون للقارئ شخصيته وتفكيره الخاص ويترتب علي ذلك عملية النقد حيث يصل لدرجة من النضج الفكري تمكنه من ذلك وختام هذه الخطوات  هي تطبيق ما قرأه القارئ علي أرض الواقع فإن العلم بلا عمل لا فائدة من وراءه وأخيراً على القارئ أن يتحلى بالخلق ولا يتصف بكبر أو صفة ذميمة .


خطوات يجب اتباعها حتي تتم الفائدة


1 – المساعدات الخارجية :


وهي كل ما يفيد في فهم الكتابة وتصحيح الملتبس فيه ولكن لابد أن تستخدم بعد التفكير من قبل القارئ ولا يلجأ إليها مباشرة بل يحاول أكثر من مرة ، وعلى مستخدم هذه المساعدات أن يعي عدة أمور منها أن هذه الكتب التي تمثل المساعدات ليس من شأنها شرح الكتاب ككل ولكن المسائل المبهمة ، وتتمثل هذه المساعدات في التعليقات والهوامش والمختصرات والمستخلصات وكذلك الموسوعات والمعاجم ذات الصلة بالموضوع والرجوع إلي مصادر المؤلف فقد تجد فيها ضالتك .


2 – توضيح الجمل وتدوين الفوائد :


كتابة التعليقات وتوضيح الجمل له أهمية كبيرة وقد كان لكتابة الساقط في الحواشي محل عناية من قبل المحدثين ، ويسمي عندهم اللحق ، ولكن يجب ألأ يكثر القارئ من الهوامش فهي قد تطغي على النص نفسه مثل الكتابة بين الأسطر وكثرة التظليل ، وهناك طرق لكتابة الفوائد ومنها وضع خط تحت الجمل المهمة ، وضع نجمة أو أكثر بجانب الجمل الأكثر أهمية ، أو نقاط بألوان مختلفة تتفاوت حسب الأهمية مثل الأحمر للأعلي مرتبة ويليه الأصفر وغير ذلك ، تسجيل أسئلة علي المقطع المقروء ، اختصار المناقشات ويمكن استغلال الصفحات البيضاء في نهاية الكتاب كفهرس للنقاط المهمة ، وقد كان من عادة العلماء التعليق على الكتب وكتابة الفوائد مثل ياقوت الحموي في كتابه معجم الأدباء ، ويجب أن يحرص القارئ علي تدوين الفوائد حيث كان العلماء يحثون الطلاب علي تقييد ما يمر بهم من فوائد ، وعلي القارئ أن يتنبه إلي عدة أمور منها أن يعي قصد الكاتب ويختار الصيغة المناسبة لتسجيل الفوائد ، ولا يكتب كل ما يسمع وقال سليمان بن موسي في هذا الشأن ” يجالس العلماء ثلاثة : رجل يسمع ولا يكتب ولا يحفظ ، فذاك لا شيء ، ورجل يكتب كل شيء فهذا الحاطب ، ورجل يسمع العلم فيختبره ويكتب فذاك العالم.


وعلي القارئ اختيار أنسب الطريق لتسجيل الفوائد مثل التقييد علي الغلاف بألفاظ يسيرة تشير إلى المعني ، تصوير الفوائد من الكتاب نفسه ووضعها في ملف خاص بها ، أن يضم النظير إلي نظيره وما يشبهه ، الترتيب بحروف الهجاء حتي يسهل الوصول إلى المراد .


3 – التأمل :


التأمل هو من أهم فوائد القراءة فهو ينمي الفكر ويجعل من القارئ مفكراً ومبدع وخير ما يقال في هذا المقام أننا يجب أن نفكر حينما نقرأ أو نستمع كما نفكر أثناء إعداد الأبحاث العلمية ، فلا تنتظر ثمرة من قراءة بلا تأمل وتفكير ، وهناك كتب قيمة تساعد علي فتح نوافذ العقل والتفكير وهي الأفضل ويجب علي القارئ أن يكثر منها ، ويجب التأمل بعد الإنتهاء من قراءة الكتاب فلا ينبغي أن تطرح الكتاب بعد الإنتهاء منه كأنك أنجزت ، ولكن يجب أن تفكر في نقاطه وتحللها بمنطقية وعقلية ، وبذلك تختم القراءة بطريقة صائبة ، وهناك أدوات يستطيع القارئ أن يختبر مدي فهمه للكتاب منها أن يحاول أن يأتي علي أمثلة وملاحظات علي الأفكار ، ومحاولة تلخيص ما قرأه في فقرات بشكل بسيط ، ومن المهم أن يصل إلي الفكرة والغاية الخاصة بالمؤلف ، وبهذه الطريقة قد يدر الكتاب علي قارئه خواطر وأفكار جديدة. يقول العقاد في هذا الشأن ” إننا نقدر الكتاب بما يوحيه لا بما يدل عليه حروفه ومعانيه ، وإن القارئ وهو يتلو الكتاب قد يؤلف في ذهنه كتاباً غير الذي يقرأه ، ويفهم فيه معانٍ غير ما أراد مؤلفه ، ولكنه يحسب أن يقرأ كتاب المؤلف وينسب الفضل إليه “


وقد يصل القارئ إلي درجة عاليه من الدقة حينما يضع يديه علي الخلل الذي وقع فيه المؤلف مثل النقاط التي أهملها وإغفال بعض الفروع وغير ذلك من الأمور التي تحتاج إلي الدقة والتأمل .


4 – النقد :


النقد هو أغلي ثمار القراءة الفعالة حيث يبني شخصية قادرة علي الفهم والتحليل ، ويقول جعفر بن يحي في هذا الشأن


  اتخذ كاتباً متصفحاً للكتاب ، فإن المؤلف للكتاب تنازعه أموره وتعتوره صروف تشغل قلبه ، والمتصفح للكتاب أبصر بمواقع الخلل من مبتدي تأليفه  .


وللنقد جانبان، الأول أن يقع القارئ علي مساحات الجمال في النص الذي يقرؤه ويقبض علي الأفكار الجديدة ، والثاني أن يذكر القارئ الملاحظات والأخطاء علي الكتاب ، ويجب علي من ينقد الكتاب أن يتحلي بالآداب التالية : لا ينبغي للقارئ أن يكون دائم النقد حتي لا يصبح شغله الشاغل تتبع الأخطاء فقط ، لا يجب علي القارئ أن يبدأ بنقد الكتاب حتي يتم فهمه بطريقة صحيحة فقراءة العنوان أو بعض الوريقات ليس كافياً للنقد ومعرفة المحتوي ، ولابد أن نتقي المبالغة الزائدة فبعض القراء يجعل الكتاب في مرتبة عالية وكأنه لا يحتمل أن يكون فيه خطأ والآخر ينزل قدره وكأنه ما أتي بجديد ولا بفكرة وكلاهما كان عنده انطباع مسبق عن الكتاب وتعصب لرأيه ، ويجب علي من ينقد أن يأتي بدليل علي كلامه وعلي كل نقطة ذكرها حتي يتسم بالمصداقية ، فلا يوجد كتاب يخلو من الفائدة كما قال ابن الجوزي” وأقلها الصبر علي قراءة الكتب الرديئة التي وتحمل غثاثتها فيستفيد منها صبراً ومثابرة، وليس هناك كتاب بلغ درجة من السوء ، بحيث لا يمكنك أن تتعلم منه شيئاً بشكل من الأشكال “


 ويمكن أن يكون النقد من خلال أمور معينة وهي أن يظهر القارئ أن الكتاب حوى إطناباً ومبالغة وذلك عن طريق الفحص الدقيق ، وأن يظهر أن المؤلف ليس لديه معرفة كافية في الموضوع وأن معلوماته الضرورية قاصرة ، ويثبت أن المؤلف ناقص في تحليله وليس منطقيا ببناء أسباب علي مسبباتها ، والعلل علي معلها ، وكذا الاختلافات بين المقدمات والنتيجة ، ومما يرفع من مكانة القارئ النقدية أن يعمد إلي قراءة الكتاب فيقرأه قراءة واعية تلتمس مواطن الحسن والكمال وأن يكون ناقداً بصيراً قوي الملاحظة .


5 – العمل :


العمل له أهمية لا يمكن إنكارها وقد حث الإسلام علي العمل كثيراً ، وحتي يكون العلم نافعاً لا بد أن يكتمل بالعمل حتي تظهر ثمرته الطيبة ، فلابد ألا تكون الأفكار مخزنة في العقول فقط. بل لابد أن تدخل حيز التنفيذ ، والعمل بالعلم له ثمار طيبة ومنها شعور القارئ بمردود ما قرأ علي أرض الواقع مما يشجعه على القراءة والتنفيذ حتي تحصل الفائدة ولتمام العمل لابد من مراعاة بعض الأمور مثل السرعة في تنفيذ ما تم تعلمه وجعله حقيقة واقعة حتي تسهل عملية قطف ثمرة العلم ، وقد أثبتت بعض الدراسات أن القارئ يفقد جوالي 75 % مما يقرأ لذلك عليه أن يهتم بالمراجعة الدائمة ، وقد كان طائفة من القراء يراجع ما خططه علي الكتاب في الأوقات المهدورة مثل أوقات السفر أو الانتظار .


6 – اقتباسات :


هناك مقولات تلخص مسألة القراءة بصورة صحيحة حتي تتم الفائدة وهي


 إن قراءة كتاب واحد ثلاث مرات غالباً ، أنفع من قراءة ثلاث كتب في الموضوع نفسه


وذلك لأن التركيز في موضوع واحد يجعل للإنسان القدرة علي الإحاطة به وفهمه جيداً .


إذا عزمت قبل القراءة أن تقرأ الكتاب ، ثم بدا لك ألا تفعل لأي سبب كان ؛ كما لو رأيت أن الفائدة قليلة فلا تفعل ، وإنما عليك الاستمرار 


وهذا لأنه كما ذكرت كما قال الإمام الجوزي أنه لا يوجد كتاب بلا فائدة وفي التكرار في القراءة تربية للنفس وشغلها بطلب العلم خير من الأمور الأخري .


 إذا قرأت كتاباً فلا تفكر في العودة إليه مرة أخري


فقد ينتابك الكسل والشعور بالملل مما يضيع وقتك بلا فائدة ، ولن تحصل جديد كما تتخيل .


تحري كتب المتقدمين من أهل العلم في الفنون المختلفة


وهي الأصول التي كتبت في فنون العلم حيث إنها مثل الأساس الذي يقوم عليه البناء وكلما كان قوياً كان البناء قوي .


7 – القراءة ولكن..


هناك آفات يجب التخلي عنها حتي تكون علي الطريق الصحيح وهي الأخلاق الذميمة فقد يصاب الإنسان بآفة مثل الغرور والكبر تجعله يظن نفسه عالم علامة لا يخطئ ، فتجعله يقلل من شأن أصحاب المؤلفات ومجهودهم ، والتحدث بغير علم في أمور لا قبل له بها ، وينمي ذلك بذرة النقد دون سبب ولا علم ، وعلاج هذه الآفة لا يكون بترك القراءة وعدم إدمانها علي العكس فالقراءة كما قلنا غذاء لا يمكن الاستغناء عنه ، ولكن يجب تربية النفس تربية طيبة ، حيث اعتني الأوائل بتربية الصغار تربية طيبة علي حسن الخلق وبشاشة المحيا والتواضع فالعلم يضيعه الكبر ويزيد من حلاوته التواضع والبشاشة ، فيجب علي طالب العلم أن يكون من أحاسن الناس خلقاً ويتأثر بما يتعلم حتي تظهر ثمرة قراءته علي سمته وهيئته .


إلى هنا تنتهي رحلتنا مع هذا الكتاب الرائع..

Tags:

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)